بث تجريبي

بدون إحراج – بقلم: سيد أبو اليزيد | أهداف الدستور الجديد

من الأهمية على الإدارة الجديدة في دمشق وسائر القوى الوطنية السورية في توجهها لإعداد دستور جديد للبلاد، مراعاة أن يتسع الدستور لكافة أبناء سوريا دون إقصاء أو تهميش لأي مكون من مكوناتها، بعيدًا عن الذهنية الأحادية تفكيرًا وممارسة، وأن تتضمن مواده ما يصون كرامة المواطن السوري وحقوقه دستوريًا دون الوقوع في أي شكل من أشكال التمييز.

ويتوقع الكثيرون أن يضمن الدستور الجديد الحقوق القومية للشعب الكردي، والتزامه بالمواثيق والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، وأن يصون حرية المرأة، ويمكنها من المشاركة الفاعلة في كافة المؤسسات. ولذلك، أعتقد أن عقد مؤتمر وحدة الصف والموقف الكردي بين الأحزاب الكردية جاء في توقيت مناسب وحساس، نظرًا إلى الحاجة لاعتماد رؤية كردية موحدة حول بناء سوريا الجديدة والمشاركة في رسم مستقبلها.

كما يكتسب المؤتمر أهمية بالغة لتعزيز الوحدة الوطنية الكردية، حيث يأتي في توقيت شديد التعقيد يشهد خلاله الإقليم والمنطقة تحديات أمنية وسياسية. ومن هنا، نجد أن توحيد الصف الكردي أصبح ضرورة لضمان موقف صلب وقوي في مواجهة التهديدات والمفاوضات.

ومن المؤكد أن المجتمع الدولي يتطلع إلى توصل السوريين إلى نظام ديمقراطي تعددي يشملهم جميعًا، وتحقيق إرادة جماعية ومشروع واقعي لحل عادل للقضية الكردية في سوريا، كدولة ديمقراطية لا مركزية في إطار سوريا المتعددة القوميات والأديان والثقافات.

أتصور أن كونفرانس وحدة الموقف والصف الكردي في روج آفا - كردستان بمدينة قامشلو، بمشاركة أكثر من ٤٠٠ شخصية، سيكون له دور واضح وأساسي في ديمقراطية سوريا وحماية مكاسب الكرد، بفتح الطريق أمام القوى الكردية والكردستانية لتوحيد الصف، كما يفتح المجال لتوحيد رؤية الشعب الكردي في سوريا الجديدة. ولا يمكن إغفال أهمية طرح رؤية لموقف موحد في الملفات الإقليمية والدولية، حيث إن التشتت السياسي بين الأحزاب الكردية يضعف من قدرة الكرد على التفاوض دوليًا، وبالتالي من الأهمية إعداد خطاب موحد يعبر عن كافة الأطراف الكردية.

وبالنظر إلى البيان الختامي الصادر عن كونفرانس وحدة الموقف والصف الكردي، والذي تضمن وثيقة تمت المصادقة عليها بالإجماع، تؤكد أن سوريا دولة متعددة القوميات والثقافات والأديان، ويجب أن يضمن دستورها حقوق جميع المكونات من عرب وكرد وسريان وآشوريين وغيرهم. كما شددت الوثيقة على اعتماد نظام حكم برلماني لا مركزي يقوم على العدالة والمساواة، وفصل السلطات، واحترام حقوق الإنسان.

وفي الجانب الكردي، دعت الوثيقة إلى توحيد المناطق الكردية ضمن وحدة سياسية إدارية متكاملة في إطار سوريا اتحادية، والاعتراف بالوجود القومي للكرد كشعب أصيل، وضمان حقوقه السياسية والثقافية والإدارية والدستورية، بما في ذلك اعتماد اللغة الكردية لغة رسمية إلى جانب العربية، وإحداث مؤسسات تعليمية وثقافية كردية.

وتضمنت الوثيقة أيضًا مطالب بإلغاء نتائج التغيير الديمغرافي في المناطق الكردية، وتأمين العودة الآمنة للنازحين واللاجئين، وإعادة الجنسية للمجردين منها وفق إحصاء 1962، إلى جانب تخصيص نسبة من عائدات ثروات المناطق الكردية لتنميتها.

وقد عكست أجواء المؤتمر، والالتفاف حول هذه الوثيقة، رغبة الأطراف الكردية في فتح صفحة جديدة من العمل السياسي المشترك، بما يخدم الاستقرار والعدالة والديمقراطية في سوريا المستقبل.

البنود التي تضمنتها الوثيقة تشمل:

في المجال الوطني السوري:

  • سوريا دولة متعددة القوميات، الثقافات، الأديان والطوائف، يضمن دستورها حقوق كافة المكونات السورية من عرب، كرد، سريان، آشوريين، شركس وتركمان… وعلويين، دروز، إيزيديين ومسيحيين... وبمبادئ فوق دستورية.

  • تلتزم الدولة بالعهود والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان ومبدأ المواطنة المتساوية.

  • نظام الحكم في سوريا برلماني بغرفتين، يعتمد التعددية السياسية، التداول السلمي للسلطة وفصل السلطات، كما يعتمد مجالسًا للمناطق في إطار النظام اللامركزي.

  • سوريا لا مركزية، تتضمن التوزيع العادل للسلطة والثروة بين المركز والأطراف.

  • أن يعبر اسم الدولة وعلمها ونشيدها الوطني عن التعدد القومي والثقافي للمجتمع السوري.

  • حيادية الدولة تجاه الأديان والمعتقدات، وحق ممارسة الشعائر الدينية، والاعتراف بالديانة الإيزيدية ديانةً رسمية في الدولة.

  • اعتماد هوية وطنية جامعة تراعي خصوصيات المكونات المختلفة.

  • ضمان المساواة بين المرأة والرجل وتمثيلها في كافة المؤسسات.

  • حماية حقوق الطفل المعلنة في الاتفاقيات الصادرة عن الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية، ورعايتهم ومساعدتهم بما يتناسب مع طبيعة مناطقهم وقدراتهم، مع الأخذ بعين الاعتبار احتياجاتهم الخاصة.

  • إعادة النظر في التقسيمات الإدارية الراهنة بما يراعي الكثافة السكانية والمساحة الجغرافية.

  • استرجاع الآثار والأوابد السورية المنهوبة التي نُقلت إلى داخل وخارج البلاد إلى أماكنها الأصلية.

  • إلغاء نتائج التغيير الديمغرافي وإيقافه في المناطق الكردية وكافة المناطق السورية، وتأمين عودة آمنة للنازحين والمهجرين قسرًا إلى ديارهم، بما فيهم أبناء سري كانييه/رأس العين، كري سبي/تل أبيض، وعفرين.

  • تشكيل جمعية تأسيسية برعاية دولية تضم ممثلي كافة المكونات السورية لصياغة مبادئ ديمقراطية، وتشكيل حكومة من كافة أطياف الطيف السوري ومكوناته بصلاحيات تنفيذية كاملة.

  • حق التعبير والتعليم باللغة الأم، وممارسة الثقافة كحق لكل المكونات.

  • إعلان يوم الثامن من آذار عيدًا للمرأة.

في المجال القومي الكردي:

  • الدعوة إلى توحيد المناطق الكردية كوحدة سياسية إدارية متكاملة في إطار سوريا اتحادية.

  • الإقرار بالوجود القومي للشعب الكردي في سوريا كشعب أصيل، وضمان حقوقه القومية دستوريًا وفق العهود والمواثيق الدولية، بما فيها حقه في ممارسة حرة ومتساوية لحقوقه السياسية والثقافية والإدارية.

  • تقدير تضحيات شهداء الثورة السورية، قوات سوريا الديمقراطية، القوى الأمنية والمعتقلين الذين قضوا في السجون، وكذلك الشهداء الذين سقطوا في مقاومة داعش ومجازره، ومساندة عوائلهم وضمان حقوقهم بموجب نصوص قانونية.

  • اعتبار الشباب القوة الفاعلة في المجتمع، ويجب ضمان مشاركته وتمثيله بشكل عادل في كافة مؤسسات الدولة.

  • الاعتراف الدستوري باللغة الكردية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، وضمان التعليم والتعلم بها.

  • إحداث مراكز وإدارات تهتم باللغة، التراث التاريخي والثقافة الكردية، وفتح مراكز إعلامية من قنوات إذاعية وتلفزيونية باللغة الكردية، وإصدار الكتب والمجلات والمطبوعات، وفتح مراكز للدراسات والبحوث.

  • ضمان مشاركة الكرد في مؤسسات الدولة التشريعية، القضائية، التنفيذية والأمنية.

  • اعتماد الحادي والعشرين من آذار عيد النوروز عيدًا رسميًا في البلاد، و12 آذار يومًا لاستذكار انتفاضة قامشلو.

  • إلغاء كافة السياسات، الإجراءات والقوانين الاستثنائية التي طُبقت بحق الكرد، مثل مشروع الحزام العربي وعمليات التعريب في المناطق الكردية، وتعويض المتضررين من تلك السياسات التمييزية، وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل صدورها، وإلغاء الاتفاقيات السرية والعلنية التي تمس السيادة السورية والوجود الكردي.

  • إعادة الجنسية السورية للمواطنين الكرد المجردين منها بموجب إحصاء 1962 الاستثنائي، المتبقين منهم ومكتومي القيد.

  • تطوير البنية التحتية للمناطق الكردية، وتخصيص نسبة من عائدات ثرواتها للتنمية والإعمار، بسبب تهميشها المتعمد في المراحل السابقة.

وينبغي إدراك أن حماية نظام الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا ربما يحقق الأمل المنتظر للديمقراطية في الشرق الأوسط، حيث يُستهدف أن تشكل قوة كبيرة لتعزيز الديمقراطية، ليس في سوريا وحدها، بل في منطقة الشرق الأوسط بأكملها، مع مراعاة الحفاظ على مكاسب أجزاء كردستان الأربعة بالوحدة الوطنية.

قد يهمك