وسط مخاوف حقوقية.. إعلان عودة شرطة الآداب يثير جدلا في ليبيا

أثار إعلان وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عماد الطرابلسي، عن عودة شرطة الآداب إلى العمل في ديسمبر/كانون الأول المقبل، جدلا حادا في ليبيا.

يأتي هذا القرار وسط انقسام بين مؤيدين يرون فيه تعزيزًا للتمسك ب”تقاليد المجتمع” ومنتقدين يعتبرونه تهديدًا للحريات الشخصية وتوجها نحو تقييد صارم للسلوكيات الفردية.

وأوضح الطرابلسي، في مؤتمر صحفي عقد الأسبوع الماضي، أن دوريات شرطة الآداب ستُكلَّف بمراقبة المظاهر العامة وضمان التقيد بما وصفه بـ”الأخلاقيات”.

من بين الإجراءات المقترحة، منع تصفيفات الشعر “غير اللائقة”، فرض ملابس محتشمة على النساء، حظر الاختلاط في الأماكن العامة، ومنع النساء من السفر داخل البلاد بدون ولي أمر ذكر.

وأشار الطرابلسي إلى أن من يسعى إلى الحرية الفردية “يمكنه التوجه إلى أوروبا”، مما أثار موجة من الانتقادات الحادة.

في المقابل، رحب البعض بهذه الخطوة باعتبارها رادعًا ضد ما يرونه مظاهر “الانحلال”. لكن آخرين حذروا من أنها قد تؤدي إلى تحويل الموارد الأمنية عن القضايا الأكثر إلحاحًا، مثل مكافحة الجريمة والإرهاب.

وتأتي هذه الخطوة في ظل مشهد سياسي وأمني مضطرب في ليبيا منذ الإطاحة بالرئيس معمر القذافي عام 2011. تعيش البلاد حالة من الانقسام السياسي الحاد، حيث تتنافس حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس مع إدارة شرقية تتخذ من بنغازي مقرًا لها. منذ عام 2021، تولى عبد الحميد دبيبة رئاسة حكومة الوحدة إثر عملية سياسية دعمتها الأمم المتحدة، لكن الانقسام لا يزال قائما مع رفض الفصائل الشرقية الاعتراف بشرعيته.

تركز الجهود الدولية على تنظيم انتخابات جديدة لإحلال الاستقرار، لكن تلك الجهود تواجه عقبات كبيرة. وقد رفض دبيبة التخلي عن السلطة قبل إجراء الانتخابات، مما أدى إلى تفاقم الأزمة السياسية.

وفي ظل هذا الوضع، تقلصت الحريات الدينية والمدنية في ليبيا. فقد أصبح تداول المواد الدينية غير الإسلامية والتبشير غير القانوني. في مايو/أيار الماضي، أطلقت هيئة الأوقاف والشؤون الإسلامية في طرابلس مشروع “حراس الفضيلة” لتعزيز القيم الإسلامية، وهو ما اعتبره مراقبون جزءًا من توجه أوسع نحو تشديد الرقابة الاجتماعية.

انتقدت منظمات حقوقية دولية وإقليمية هذه الخطوات، محذرة من تدهور حالة حقوق الإنسان في البلاد. ويظل السؤال قائما: هل تسهم عودة شرطة الآداب في تعزيز الأمن المجتمعي، أم أنها خطوة نحو تقليص الحريات الفردية وتعميق الانقسامات في ليبيا؟