في قلب قطاع غزة المحاصر، حيث تتشابك أصوات القصف مع أنين الجرحى، جسد الطبيب المصري محمود أبو عمشة بتضحايه وخدمة رسالته وعملة أجمل معني للإنسانية التي لا تعرف الحدود.
وقبل يومين، وبينما كان الطبيب المصري البطل محمود أبو عمشة يؤدي واجبه النبيل في معالجة المصابين جراء العدوان الإسرائيلي، ارتقى شهيدًا، تاركًا وراءه إرثًا من التضحية والإخلاص.
أبو عمشة، الذي كان من أبرز المتطوعين في المستشفيات الميدانية، جسّد بعمله رسالة التضامن العميق بين الشعبين المصري والفلسطيني، مؤكدًا أن الإنسانية لا تنحني أمام الصعاب، بل تزدهر في أحلك الظروف، وفقد أبو حياته في سبيل إغاثة المدنيين الفلسطينيين، ليؤكد مجددًا عمق التضامن بين الشعبين المصري والفلسطيني، ودور الأطباء في الجهود الإنسانية في أصعب الظروف.
محمود أبو عمشة هو طبيب مصري في الـ27 من عمره، متخصص في مجال الجراحة العامة، وكان من أوائل المتطوعين في المستشفيات الميدانية في قطاع غزة خلال التصعيدات الأخيرة، شكلت حياته شهادة على قوة الإرادة، ومماته كان تأكيدًا على أن الأطباء هم جنود الإنسانية في معارك الحياة.
عرف أبو عمشة في مصر بتفانيه وإخلاصه في العمل الطبي، إذ كان يعكف على تقديم الخدمات الطبية للمتضررين من الحروب والصراعات في مناطق النزاع.
وبالإضافة إلى عمله الجراحي، ورغم صغر سنه، كان له دور كبير في تدريب أطباء وممارسين صحيين في المناطق التي تعاني من نقص حاد في الكوادر الطبية، وشارك في العديد من الحملات الإنسانية في القطاع الفلسطيني.
حرص محمود أبو عمشة قبل استشهاده، على عمل بلا كلل أو ملل في المستشفيات الميدانية في غزة، وواجه المخاطر والمصاعب في سبيل إنقاذ حياة الآخرين، وأفادت تقارير إعلامية بأن الطبيب الشهيد، قد أصيب في أحد هجمات الاحتلال الإسرائيلي، ولكنه استمر في معالجة المصابين حتى لحظاته الأخيرة.
وتوالت ردود الفعل من مختلف القطاعات الشعبية والرسمية على استشهاد الطبيب محمود أبو عمشة، فقد عبّر المصريون عن حزنهم العميق لفقدان أحد أبنائهم الذين ضحوا بحياتهم في سبيل خدمة الإنسانية، بينما نعى الفلسطينيون الطبيب باعتباره بطلًا وإنسانًا مخلصًا قدم روحه فداءً لهم.
وبرهن نعي نقابة الأطباء المصرية بقلوب دامية وأنفاس مثقلة بالحزن، استشهاد الطبيب الشاب الدكتور محمود أبو عمشة (27 عامًا)، على مدى تضحياته وتفانية في سبيل نصرة الحق والقضية الفلسطينية.
وأكدت النقابة في بيان لها أن الدكتور محمود أبو عمشة، ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، ظل يتنقل بين مستشفيات القطاع من الشمال إلى الجنوب، يُجري العمليات الجراحية، ويُضمد الجراح في ممرات تعجّ بالمصابين، بقلب أثقله الحصار والجوع وفقد الأحبة، دون أن يتراجع يومًا، ودون أن يتقاضى أجرًا، بل كان جنديًا متطوعًا، يحمل قلبًا نابضًا بالإيمان، ورسالة إنسانية لا تعرف التراجع.
وأشارت النقابة إلى أن الدكتور محمود أبو عمشة، استشهد وترك وراءه سيرة عطرة ترويها جدران المستشفيات ودموع زملائه، مضى وقد ترك معاناة الأرض خلفه، وما فيها من وجعٍ وقهرٍ وعجزٍ وصمتٍ دولي مريع.
وقال: "فلم يكن يحمل سلاحًا... كان يحمل سماعته، وابتسامته، ويدًا ممدودة بالرحمة، كان صوتًا للحياة وسط الركام، ونبضًا من نور في ظلمة القصف، استُهدف لأنه طبيب، لأنه إنسان، استُشهد وهو يؤدي أنبل ما يمكن للإنسان أن يفعله: أن يحاول إنقاذ حياة".
وتقدّمت النقابة العامة للأطباء بأحرّ التعازي إلى عائلة الشهيد وزملائه في الميدان، مضيفة: "نعاهد روحه الطاهرة بأن تبقى ذكراه منارةً في درب الشرف والمروءة، وعزاؤنا أنه غادر معاناة الأرض، ليصبح نجمة في سماء الشهداء."
وأكدت نقابة أطباء مصر مجددًا أن ما يجري في غزة ليس مجرد عدوان عسكري، بل جريمة ضد الإنسانية تُرتكب أمام أنظار العالم. واستهداف الأطباء والطواقم الطبية ليس إلا جزءًا من جريمة أوسع تُمارس تحت غطاء صمت المجتمع الدولي.
وما يزال العالم يقف متفرجًا، تاركًا فلسطين وأهلها تحت وطأة القتل والدمار، في وقت كان من الواجب على المؤسسات الدولية أن تتخذ موقفًا حازمًا لوقف هذا الإجرام، إننا ندين هذا الصمت المُخجل الذي يضفي شرعية على جرائم الاحتلال، وإن دماء الشهيد الدكتور محمود أبو عمشة، وكل شهداء الإنسانية، ستبقى شاهدة على هذا الصمت.