بث تجريبي

باحثة متخصصة في الشأن الروسي لـ(المبادرة): الدراما الروسية العسكرية محاولة لصياغة الواقع وتبرير أي تحرك خارجي

أكدت الباحثة  السياسية داليا يسري المتخصصة في الشأن الروسي أن الدراما الروسية العسكرية ليست مجرد انعكاس للواقع، لكنها محاولة لصياغته ، مشيرة إلى أن الدراما، خاصة العسكرية، أصبحت أداة سياسية شديدة الأهمية في الوقت الحالي وليست  محتوى ترفيهي.

وذكرت الباحثة داليا يسري ـ في حديث لـ"المبادرة" ـ أن: "أعمال الدراما الروسية تتحول إلى منصة لعرض سردية الدولة ونشر رسائلها الاستراتيجية.. وكوني مُتابِعة دقيقة للشأن الروسي، لاحظت تكرار نمط معين في الأفلام والمسلسلات الروسية، لهذا السبب وددت أن أعمل على فك شفراته". 

واستشهدت الباحثة ، في هذا السياق ، بالفيلم الروسي "الهروب من تاركوف"، الذي يعد نموذجا مثاليا للطريقة التي تقدم بها روسيا نفسها باعتبارها ضحية لخيانة غربية، وذلك رُغم كل محاولاتها السابقة للتعاون معهم.

وقالت الباحثة إن الفيلم يحكي عن شركة أجنبية تنفذ  تجارب بيولوجية غير قانونية على أرض روسية، وهذا الأمر يعكس المخاوف الروسية المستمرة من الغرب ومحاولاته التدخل والتلاعب بالأمن الروسي خلف ستار من التعاون الرسمي ، لافتة إلى أن هذه الفكرة ليست جديدة على الإطلاق وطرحها صناع القرار الروسي مرات عديدة من قبل، لكن طريقة معالجتها في الفيلم كانت مميزة وتحمل رسائل سياسية واضحة.

 وفيما يتعلق برؤيتها لفيلم "نظام مُقاتل".. أوضحت الباحثة المتخصصة في الشأن الروسي أن الرسالة في هذا الفيلم بدت مختلفة بعض الشيء لأنها كانت أقرب إلى كونها مجرد فكرة واحدة يتمحور العمل بأكمله حولها، وهذه الفكرة تتلخص في العبارة التالية: "نحن نحارب الإرهاب ونحمي الشرعية"، وذلك لأن الفيلم يسلط الضوء على العمليات العسكرية التي تقوم روسيا بإجرائها خارج البلاد ويؤكد أن الهدف الوحيد من ورائها هو مواجهة الإرهابيين.

واعتبرت أن الفيلم يعكس إصرار الدولة على حماية مؤسساتها. وما يهمني في هذا الفيلم هو رسالته التي تؤكد أن أي تدخل عسكري روسي في شؤون دولة أخرى عادة ما يكون له مبرراته الأخلاقية التي ليس من الممكن أن تحدث أبدًا إلا بناء على طلب من السلطة الشرعية لهذه الدولة. 

وأشارت إلى أن هناك حالة من الانسجام العام بين سردية الدولة وما يُقدم في الإعلام. وهذا الأمر ناتج عن سنوات من التشكيل البصري واللغوي المتقن. أما فيما يتعلق بالجمهور الدولي، فالمسألة هنا تكون أكثر تعقيدًا.. وذلك لأنه يوجد هناك مقاومة طبيعية للسرديات القادمة من روسيا خاصة في الغرب الذي يوجد لديه خطاب إعلامي مضاد لكل ما هو مؤيد لروسيا وآرائها.  

وردا على سؤال هل يوجد خطورة وراء استخدام الفن بهذا الشكل؟ أي لدعم آراء الدولة؟ .. قالت الباحثة السياسية داليا يسري : "في اعتقادي، أن الدول في حالات الحروب تستخدم كل أسلحتها. بمعنى، لو قام عدوك باستخدام آلته الإعلامية لدعم وجهة نظره، فهذا يعني أنه من المحتم عليك أيضًا أن تستخدم نفس الأدوات لمجابهته. الأمر لا ينطوي على خطورة من وجهة نظري بقدر ما هو حق مكتسب طالما يوجد أطراف أخرى تقف في معسكر العدو وتستخدم نفس الأساليب". 

وفيما يتعلق إذا ما كان  هناك نمط موحد يجمع بين كل ما تناولته من أعمال فنية روسية ، قالت : "نعم يوجد إصرار في تكرار أفكار بحد ذاتها، وهذه الأفكار ربما نحدد أبرز معالمها الآن فيما يلي " الروس دائما أبطال"، و"الغرب خطر على روسيا"، "وروسيا لا تبادر بالشر لكنها دائما مستعدة للرد بقوة".

وفي هذا السياق ، أكدت أن  ثوابت السياسة الخارجية الروسية عندما انتقلت إلى الشاشات وأصبحت ثوابت في الفن، خلقت سردية متماسكة ومستقرة بات في مقدورها تبرير أي تحرك خارجي روسي وخلق شعور لدى المشاهد المحلي بوجود تهديد دائم. 

وتخرجت الباحثة، داليا يسري، في كلية الألسن قسم اللغة الروسية جامعة عين شمس والتحقت بعدد من مراكز الأبحاث  ونشر لها عدد من الأعمال الأدبية، منها 3 روايات ومجموعة قصصية على ترجمة روايتين عن اللغة الروسية، الأولى بعنوان "المترجم" لكاتبتها ألكساندرا مارينيا، والثانية "الشيطان الصغير"، لكاتبها فيودور سولوجوب.

قد يهمك