تصاعد التوترات شمال سوريا وسط اشتباكات عنيفة ودعم تركي لمسلحي المعارضة

شنت القوات التركية والفصائل الموالية لها خلال الساعات الماضية قصفًا مدفعيًا مكثفًا على قرى التوخار، الجات، عرب حسن، جبل صياد، وأم جلود في ريف منبج شرقي حلب، باستخدام المدفعية الثقيلة.

يأتي هذا في إطار التصعيد العسكري المستمر في المنطقة، التي تخضع لسيطرة قوات مجلس منبج العسكري، وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

وأشار المرصد، في بيان صدر اليوم الخميس، إلى أن قوات مجلس منبج العسكري نفذت يوم 26 نوفمبر عملية تسلل استهدفت مواقع الفصائل الموالية لتركيا ضمن مناطق عملية "درع الفرات" في قرية أم جلود بريف منبج الشرقي.

وأسفرت العملية عن سقوط خسائر في صفوف الطرفين، وسط تبادل عنيف للقصف المدفعي.

وفي تطور ميداني آخر، أحرزت هيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها تقدمًا ميدانيًا في ريف إدلب الشرقي، حيث سيطرت على قرى داديخ، كفربطيخ، والشيخ علي، بعد معارك ضارية مع قوات الجيش السوري المدعومة بغطاء جوي روسي.

وتكتسب هذه القرى أهمية استراتيجية لقربها من الطريق الدولي M5، إذ تبعد نحو كيلومترين فقط عن مدينة سراقب الحيوية.

وفي ريف حلب الغربي، سيطرت الفصائل على قريتي كفربسين وأرناز بعد اشتباكات عنيفة، وتمكنت هيئة تحرير الشام من تدمير ثلاث راجمات صواريخ تابعة لقوات النظام في بلدة خان العسل.

عناصر هيئة تحرير الشام

عناصر مسلحة تابعة لهيئة تحرير الشام

قصف جوي ومدفعي مكثف

صعّدت الطائرات الحربية الروسية من غاراتها على مناطق المعارضة، مستهدفة محيط مدينة سرمين وبلدات مجدليا والنيرب في ريف إدلب الشرقي، مما أسفر عن إصابة رجل وزوجته بجراح متفاوتة. وتزامن ذلك مع قصف مدفعي وصاروخي مكثف استهدف خطوط الإمداد، بينما قصف الجيش السوري نقطة عسكرية تركية في كفرلاتا بريف إدلب الجنوبي.

ووفقًا للإحصائيات، ارتفعت حصيلة القتلى في الاشتباكات المستمرة منذ السبت الماضي إلى 153 قتيلًا، بينهم 80 عنصرًا من هيئة تحرير الشام، 19 من فصائل "الجيش الوطني" التابع للمعارضة السورية، و54 من قوات الجيش السوري، بينهم أربعة ضباط، كما أسرت الفصائل ثمانية عناصر من الجيش السوري في ريف حلب الغربي وقرية عاجل.

قوات الجيش السوري في حلب

قوات الجيش السوري في حلب

استهدافات الطائرات التركية

استهدفت طائرة مسيّرة تركية دراجة نارية تقل عنصرًا من قوات سوريا الديمقراطية في قرية الدبس بريف عين عيسى شمال الرقة، ما أدى إلى مقتله على الفور.

وبهذا، ارتفع عدد الاستهدافات الجوية التركية على مناطق الإدارة الذاتية منذ بداية العام إلى 188، خلفت 39 قتيلًا وأكثر من 44 جريحًا من العسكريين، إضافة إلى 71 مدنيًا، بينهم ست نساء وثلاثة أطفال.

حصيلة الضحايا منذ مطلع العام

بلغ إجمالي عدد القتلى في منطقة "بوتين-أردوغان" منذ بداية عام 2024 نحو 550 شخصًا، بينهم عسكريون ومدنيون، نتيجة 370 عملية عسكرية شملت هجمات، اشتباكات، وقصفًا جويًا وبريًا. وأسفرت هذه العمليات عن إصابة أكثر من 150 عسكريًا و257 مدنيًا، بينهم 66 طفلًا و13 امرأة بجروح متفاوتة.

دبابة تابعة للجيش السوري

دبابة تابعة للجيش السوري

الدور التركي منذ اندلاع الأزمة السورية

منذ بداية الأزمة السورية عام 2011، لعبت تركيا دورًا محوريًا، حيث تحولت تدريجيًا من وسيط إقليمي إلى طرف داعم لجماعات المعارضة المسلحة. ومع تصاعد العنف، ركزت أنقرة على دعم تشكيلات عسكرية مثل "الجيش الوطني السوري" و"هيئة تحرير الشام"، بالإضافة إلى تنفيذ عمليات عسكرية مباشرة شمال سوريا تحت ذرائع مختلفة.

وفرضت تركيا سيطرتها عبر عمليات مثل "درع الفرات" و"غصن الزيتون"، وأوجدت كيانات عسكرية تدين بالولاء الكامل لأنقرة، ما يعزز نفوذها في شمال سوريا ويُستخدم كورقة ضغط سياسي.

عناصر تابعة لهيئة تحرير الشام

عناصر تابعة لهيئة تحرير الشام

أهداف أنقرة الاستراتيجية

تركز تركيا على إضعاف القوات الكردية التي تعتبرها تهديدًا وجوديًا، وتسعى إلى توسيع مناطق نفوذها عبر بناء "مناطق آمنة"، تستخدمها كورقة ضغط سياسي وديموغرافي، كما أن دعمها للجماعات المسلحة أدى إلى استمرار الصراع وتعقيد الجهود الدولية لإنهاء الأزمة.

مع استمرار التدخلات التركية وتفاقم التوترات، تظل الأزمة السورية رهينة تشابك المصالح الإقليمية والدولية. ويبقى التساؤل قائمًا: هل سيتمكن المجتمع الدولي من فرض تسوية شاملة تنهي معاناة الشعب السوري؟ أم أن الحسابات الإقليمية ستواصل إطالة أمد النزاع وتعقيد فرص الحلول السياسية؟