في عصرنا الحالي، يصعب تجنب سيل الأخبار المستمر، خاصة تلك التي تحمل محتوى مروعًا وصورًا مؤلمة من مناطق النزاع والحروب. تتسبب هذه الأخبار، بتوقعاتها الجيوسياسية المخيفة ومشاهد المعاناة الإنسانية، في آثار نفسية كبيرة على الأفراد.
أظهرت دراسة أُجريت عام 2021 أن متابعة أخبار جائحة كورونا لمدة دقيقتين فقط كافية لتقليل الشعور بالتفاؤل وإحداث انخفاض ملحوظ في التأثير النفسي الإيجابي. وتقول ناتالي كراه، عضوة الرابطة المهنية لعلماء النفس الألمان: “من منظور الصحة النفسية، من الضروري أن يأخذ المرء استراحة من هذه الصور والأخبار.”
توضح نورا فالتر، أستاذة علم النفس بجامعة “إف أو إم” الألمانية، أن الانجذاب للأخبار السيئة يعود لأسباب تطورية، حيث يبحث الأفراد عن معلومات تحميهم من التهديدات المحتملة. ومع ذلك، فإن الانغماس المفرط في هذه الأخبار يؤدي إلى عدم القدرة على التفكير بإيجابية.
وجدت دراسة أخرى عام 2022 صلة بين الرغبة القهرية لمتابعة الأخبار والمشاكل الصحية. فالذين يعانون من هذا النوع من الاستهلاك يجدون صعوبة في الانفصال عن الأخبار ويستمرون في التفكير فيها لفترة طويلة بعد قراءتها. يوضح براين ماكلفلين من جامعة تكساس تيك: “مشاهدة هذه الأحداث في الأخبار يمكن أن تخلق حالة من التأهب الدائم وتجعل العالم يبدو أكثر خطورة وظلامًا.”
عند رؤية صور مروعة على الإنترنت، يميل الأفراد للبحث عن مزيد من المعلومات، مما يؤدي إلى ما يُعرف بـ”التصفح المهلك”، وهو الاستمرار في قراءة الأخبار السلبية بشكل لا ينتهي. ولتجنب هذه الحالة، تقترح ناتالي كراه ثلاثة حلول:
1. تجنب الصور والمقاطع المؤلمة: الابتعاد عن مشاهدة المحتوى المرئي المزعج على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ أن النصوص المكتوبة تكون أقل تأثيرًا على النفس.
2. التواصل مع المقربين: يساعد مشاركة المشاعر مع الآخرين على تخفيف العبء النفسي والتعرف على طرق مختلفة للتعامل مع الضغوط.
3. تحديد وقت محدد للأخبار: تخصيص وقت محدد لمتابعة الأخبار دون تجاوز ذلك، للحفاظ على التوازن النفسي.
باتباع هذه النصائح، يمكن للأفراد حماية صحتهم النفسية من تأثير الأخبار المروعة وتحقيق توازن أفضل بين متابعة الأحداث العالمية والمحافظة على الاستقرار النفسي.