بينما الشعوب العربية منشغلة بما يجري في قطاع غزة، طفى على السطح خلاف بين إسرائيل وتركيا في سوريا فتظهر دعوة إخوانية مشبوهة للجهاد.
في هذا السياق أجرى موقع المبادرة حواراً مع الدكتور عمرو حسين أستاذ العلوم السياسية والباحث في شؤون الحركات الإسلامية حول دعوة ما يعرف بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الإخواني للجهاد ضد إسرائيل، خاصة أن تلك الدعوة تزامنت مع فترة ظهر فيه خلاف بين تركيا – التي تدعمه – وتل أبيب حول خريطة النفوذ العسكري داخل الأراضي السورية ومساع الأتراك لإقامة قواعد عسكرية.
لماذا لم تظهر فتوى هذا الاتحاد الإخواني إلا عندما دخلت تركيا في خلاف مع إسرائيل؟ ورغم كل المجازر التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني في السابق؟ هذه الأسئلة وغيرها طرحتها منصة المبادرة على الدكتور عمرو حسين الذي أكد أن هذه الدعوات الإخوانية للجهاد تأتي في إطار خدمة الأغراض والمصالح التركية في الدول العربية ومنها سوريا.
*بداية، ما يسمى باتحاد علماء المسلمين الإخواني المدعوم من تركيا وقطر أعلن مؤخراً الجهاد ضد إسرائيل، لكن تزامناً مع توترات تركية – إسرائيلية داخل سوريا، هل هذه مصادفة؟
- بالفعل ظهرت هذه الدعوة للجهاد تزامناً مع ما ظهر من خلافات تركية إسرائيلية حول الوضع داخل سوريا. هناك تصادم بالفعل في المصالح بين إسرائيل وتركيا داخل الأراضي السورية، لكنه ظاهري يأتي في إطار ما يسمى باقتصاد الكعكة، كل يريد الحصول على نصيبه من سوريا. والأيام الماضية قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن أردوغان استولى على سوريا وحياه على ذلك، ولهذا أعتقد أن ما يجري ليس تصادماً بين أنقرة وتل أبيب بالمعنى المعروف بقدر ما هو خلاف حول تقاسم مناطق النفوذ داخل سوريا. وهذا الأمر ستتدخل الولايات المتحدة لحله، لأن تركيا وإسرائيل مجرد أدوات لتنفيذ الأجندات الأمريكية في المنطقة. أما بالنسبة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فهو اتحاد تم إنشاؤه عن طريق التنظيم الدولي للإخوان، وهو اتحاد غير معترف به كمؤسسة دينية شرعية، فبالنسبة لي المؤسسة الدينية الشرعية الوحيدة في العالم المعترف بها هي الأزهر الشريف، هذه الجامعة التي لها باع أكثر من ألف عام والتي يتخرج منها المسلمون من كل أنحاء العالم، ويتخرج منها الدعاة الوسطيون الذين نشروا الإسلام السمح في العالم، ونشروا صورة الدين الإسلامي الجميل في العالم كله. اتحاد علماء المسلمين هذا كان يرأسه يوسف القرضاوي، وهو رجل له تاريخ معروف، فقد كان عضواً في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وله فتاوى للجهاد في سوريا وفي ليبيا أدت إلى تخريب هذه البلاد، بل ونادى الولايات المتحدة إلى نصرة للمسلمين، هل يعقل أن الولايات المتحدة ستتدخل لنصرة المسلمين؟. بل قال كذلك إنه لو كان سيدنا محمد (ص) على قيد الحياة لوضع يده في يد حلف شمال الأطلسي "الناتو" عندما تتدخل في ليبيا للإطاحة بنظام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي.
*إذن هو أداة يتم توظيفها خدمة للمصالح التركية الإخوانية وهم يتاجرون بمفهوم الجهاد، أليس كذلك؟
- بالفعل هذا الاتحاد ما هو إلا أداة لتحقيق مصالح الإخوان وتركيا، وأهم شيء لديهم تحقيق هدفهم بتدمير الدولة السورية وليس تدمير النظام، وهنا يكون من السهولة بمكان على هذه التنظيمات تحقيق مصالحها التي لا يحصلون عليها إلا بتدمير الأوطان. التنظيم الدولي للإخوان المسلمين بستغل مفاهيم الجهاد ومثل هذه الدعوات التي تهدف إلى التلاعب بجموع الشباب في الدول العربية. والدليل على سوء نوايا هؤلاء أن قطر التي تدعم هذا الاتحاد بعدها بأيام دخلت في مناورات مع جيش الاحتلال الإسرائيلي في اليونان. الحقيقة أن هذه الدعوات تقول إن هناك من يتآمر على الدول العربية من داخل الدول العربية نفسها. ولذلك فضيلة الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية في مصر أعتبر ذلك خروجاً عن الصف العربي، وندد بتلك الدعوات الجهادية وأوضح أن هناك شروطاً للجهاد ومبادئ، تقوم على فقه الأولويات وألا تلقوا بأنفسكم في التهلكة.
*لكن البعض ربما حبه للقضية الفلسطينية يجعله يقف ضد من ينددون بدعوات الجهاد التي أطلقها اتحاد علماء المسلمين الإخواني، خاصة أنهم يرون أن الجهاد يأتي لوقف المجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، ما ردك؟
- وهل يعلن الجهاد بعد تدمير غزة؟، هل يعلن بعد استشهاد أكثر من 50 ألف وإصابة أكثر من 150 ألف فلسطيني؟، هل يعلن الجهاد بعد عام ونصف تقريباً من القتل والتدمير والتخريب والإبادة؟. في الحقيقة هذا الجهاد أعلن لأغراض شخصية. تيار الإسلام السياسي لا يُعلن الجهاد ضد إسرائيل، وإلا لكان أعلنه منذ بداية العدوان على غزة. هذه دعوات مسمومة ومدسوسة هدفها ضرب المواقف العربية الموحدة تجاه دعم القضية الفلسطينية، ونشر الفتن بين الشباب العربي والوقيعة بينهم وبين دولهم. وهذا رغم أننا في وقت صعب وخطير تعتزم فيه الولايات المتحدة الأمريكية ومعها إسرائيل تهجير الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. دعوات تأتي في وقت يجب أن يلتف فيه العرب حول المواقف المصرية والأردنية.
*على ذكر مصر، نحن نرى كذلك القنوات الإخوانية التي تمولها تركيا تعمل ليلاً ونهاراً على النيل من الدور المصري تجاه القضية الفلسطينية رغم أننا في وقت كان يجب فيه تنحية هذه الأمور ولو مؤقتاً، ما رأيك في هذه الممارسات؟
- لو عدنا إلى كتب المفكر المصري البارز عبدالوهاب المسيري سنجد أن هذه التنظيمات الإسلامية مثل الإخوان وغيرهم جماعات وظيفية مثلهم مثل اليهود بالنسبة للولايات المتحدة، فيمكن وصفهم بـ"يهود وظيفيين"، تم توظيفهم لهدم الدول العربية والجيوش الوطنية في الدول العربية. ومع أحداث غزة التي أثبتت أن مصر هي صاحبة الثقل الأكبر في الشرق الأوسط وهي الحجر العثر أمام تحقيق المخططات اليهودية الصهيونية لا يزال هؤلاء يستهدفونها بهدف إسقاطها، لكن هذا لن يحدث.
من زوايا العالم
منبر الرأي