جيمي كارتر.. عراب "كامب ديفيد" الذي هزمته أزمة الرهائن في إيران

تعد أزمة احتجاز الرهائن الأمريكيين في طهران نكسة "سياسية" بارزة خلال مسيرة جيمي كارتر في البيت الأبيض، لكن الرئيس الأمريكي السابق الذي توفي بداية الأسبوع الحالي، عن 100 عام كان عراب أول اتفاق سلام بين دولة عربية وإسرائيل، وصاحب أحد أبرز إنجازات سياسته الخارجية التي لطالما انتقدت باعتبارها ضعيفة.

وشغل جيمي كارتر منصب الرئيس التاسع والثلاثين للولايات المتحدة بين عامي 1977 و1981، عن عمر ناهز 100 عام، بعد معركة طويلة مع مرض السرطان.

ويعد "كارتر" أحد أكثر القادة البارزين في تاريخ الولايات المتحدة، على الرغم من أن فترة ولايته استمرت أربع سنوات فقط، إلا أن كارتر جلب الكثير من الألوان والتنوع إلى البيت الأبيض، ومن ناحية أخرى، عمل بجد من أجل الحقوق المدنية وحتى أنه قاد إلى واحدة من أكثر اتفاقيات السلام استقرارًا في منطقة الشرق الأوسط  "كامب ديفيد" بين مصر وإسرائيل.

ودخل كارتر، الذي عاش أطول من أي رئيس أمريكي آخر على الإطلاق، إلى دار رعاية منزلية في بلينز، جورجيا، في فبراير 2023 بعد سلسلة من الإقامات القصيرة في المستشفى.

وكارتر هو الجورجي الوحيد الذي انتُخِب للبيت الأبيض، وترك منصبه بعد فترة واحدة، تميزت بإبرام السلام بين مصر وإسرائيل، لكن أزمة الرهائن في إيران طغت عليها.

وتعد أزمة الرهائن في إيران، أحد أكبر الأزمات الدبلوماسية في التاريخ؛ بعدما اقتحم مجموعة من الطلاب الإسلاميين في إيران السفارة الأمريكية؛ دعما للثورة الإيرانية وأحتجزوا 52 أميركيًا من سكان السفارة كرهائن لمدة 444 يوم من 4 نوفمبر 1979 حتي 20 يناير 1981.

وبلغت الأزمة ذروتها بعد فشل المفاوضات الدبلوماسية في إطلاق سراح الرهائن؛ فأمر كارتر الجيش الأمريكي بمحاولة تنفيذ مهمة إنقاذ "عملية مخلب العقاب" لكن أسفرت المحاولة الفاشلة في 24 أبريل 1980 عن مقتل مدني إيراني، ومقتل ثمانية جنود أمريكييين؛ واستقال وزير خارجية الولايات المتحدة سايروس فانس من منصبه بعد الفشل.

وهزّت الثورة الإسلامية رئاسة كارتر، حيث قام كارتر بقطع العلاقات مع إيران وفرض حظر تجاري عليها، وشكلت أزمة الرهائن الأمريكين في إيران عاملا رئيسيا في هزيمة الرئيس الديمقراطي في 1980 وخروجه من البيت الأبيض بعد ولاية وحيدة، كما كانت خلف الصورة السلبية التي لحقت به لفترة طويلة.

وكان جيمي كارتر مدافعًا عن حقوق الإنسان، فبعد مغادرة البيت الأبيض مهزومًا أمام رونالد ريجان عام 1981؛ ليسجل فترة رئاسية واحدة؛ انصب اهتمام كارتر على العلاقات الدولية وحقوق الإنسان، وهي الجهود التي أكسبته جائزة نوبل للسلام في عام 2002.

ونمت شهرته من خلال عمله هو وزوجته روزالين كارتر في مركز كارتر في أتلانتا وقضاياه الخيرية مثل منظمة هابيتات للإنسانية.

وحصل كارتر على جائزة نوبل للسلام في أوسلو بالنرويج عام 2002 تقديراً لعمله الدبلوماسي من خلال مركز كارتر.

وُلِد جيمس إيرل كارتر جونيور في بلينز في الأول من أكتوبر عام 1924، وهو الأول من بين أربعة أطفال لوالده إيرل كارتر، وهو مزارع ورجل أعمال، وأمه ليليان جوردي كارتر، وهي ممرضة مسجلة.

حصل كارتر على تعيين في الأكاديمية البحرية الأمريكية، وتخرج وانضم إلى فرع الغواصات في البحرية حيث شق طريقه في سبع سنوات إلى "أولاد ريكوفر"، الوحدة الناشئة النخبوية لأسطول الغواصات النووية الأمريكية التي قادها الأدميرال الشهير هيمان ريكوفر.

ترك كارتر البحرية ومهامها البعيدة عن بلينز مثل هاواي، وعاد هو وروزالين وعائلتهما المتنامية إلى جورجيا في عام 1953 لتولي أعمال الزراعة العائلية، وهناك ترشح لأول مرة لمجلس المدرسة، ثم عضو مجلس الشيوخ بالولاية.

انتخب كارتر حاكمًا لولايته جورجيا في عام 1970، وخدم فترة واحدة ناجحة قبل أن يشرع في محاولة غير محتملة ليصبح رئيسًا، وفاز بترشيح الحزب الديمقراطي ثم هزم الرئيس الجمهوري جيرالد فورد في نوفمبر 1976.

في يوم تنصيبه، بدلاً من المرور عبر الحشود في سيارة ليموزين مدرعة، خرج جيمي وروزالين من السيارة برفقة ابنتهما إيمي وساروا في شارع بنسلفانيا، ممسكين بأيدي بعضهما البعض.

تضمنت نجاحات كارتر تعزيز حقوق الإنسان، وإضافة المزيد إلى نظام المتنزهات والمحميات الوطنية، وإعادة ترسيخ مصداقية الحكومة بعد أزمة ووترجيت، واتفاقية كامب ديفيد التي أدت إلى اتفاق سلام بين مصر وإسرائيل.

هذه الجهود خيمت عليها المشاكل في الداخل والخارج. ففي الداخل، واجه كارتر ومستشاروه، الذين كان أغلبهم من خارج واشنطن، مقاومة من جانب حزبه.
في نوفمبر 1979، اقتحم مسلحون إيرانيون السفارة الأمريكية في طهران واحتجزوا رهائن، حاول التفاوض، ثم أطلق مهمة إنقاذ جريئة لم تصل إلى هدفها قط بسبب تعطل المروحية، ولم يتمكن من حل الموقف حتى اليوم الأخير من إدارته.

قد يهمك