مع احتمالية عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تقف الولايات المتحدة على أعتاب مرحلة متجددة في صراعها مع الصين على النفوذ في آسيا والمحيط الهادئ.
هذا الصراع، الذي تجاوز طابعه التجاري ليشمل التكنولوجيا، الأمن، والتحالفات الجيوسياسية، يشكل محورًا رئيسيًا في السياسة الخارجية الأمريكية منذ سنوات.
بالنسبة لترامب، يُعتبر هذا التنافس معركة لإعادة تشكيل النظام العالمي بما يخدم المصالح الأمريكية.
يُعرف ترامب بنهجه القائم على الصفقات والمفاوضات القسرية، وهو ما يُتوقع أن يعكسه في إعادة صياغة تحالفات الولايات المتحدة بالمنطقة. تمثل الصين في رؤيته تهديدًا مباشرًا لنفوذ بلاده التقليدي، ما سيدفعه إلى تعزيز التحالفات مثل "أوكوس" و"الرباعي" كأدوات استراتيجية لتطويق النفوذ الصيني.
تحالف أوكوس، الذي يجمع بين الولايات المتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة، يركز على تطوير قدرات عسكرية متقدمة لمواجهة التوسع الصيني. أما تحالف الرباعي، الذي يضم الهند واليابان وأستراليا، فيُعنى بتعزيز التعاون الأمني والاقتصادي في مواجهة النفوذ الصيني المتزايد، خاصة في بحر الصين الجنوبي.
يتوقع أن يتبنى ترامب استراتيجية توسعية للوجود العسكري الأمريكي في آسيا. الفلبين، بشراكتها التاريخية مع الولايات المتحدة، مرشحة لتكون قاعدة محورية لردع الصين. كما أن فيتنام، التي شهدت تقاربًا مع واشنطن، قد تصبح جزءًا من سلسلة القواعد الأمريكية في المنطقة.
مع ذلك، سيواجه هذا التوسع تحديات داخلية وخارجية. داخليًا، قد يتعرض ترامب لضغوط اقتصادية وسياسية بسبب كلفة هذه الاستراتيجية. خارجيًا، ستسعى الصين لتصعيد ردودها من خلال مبادرة "الحزام والطريق" وزيادة قدراتها العسكرية والتكنولوجية.
في مواجهة التحالفات الأمريكية، تعزز الصين شراكاتها مع دول كروسيا وإيران، وتواصل استثماراتها الكبرى في آسيا وإفريقيا عبر مبادرة "الحزام والطريق". على الصعيد العسكري، تعمل الصين على زيادة وجودها في بحر الصين الجنوبي من خلال تطوير الجزر الاصطناعية وتوسيع قوتها البحرية.
النزاع بين الولايات المتحدة والصين لا يقتصر على السياسة والأمن، بل يمتد إلى التكنولوجيا وسلاسل التوريد العالمية. يتجلى هذا في القيود الأمريكية على شركات صينية مثل هواوي، وسعي بكين لتعزيز استقلالها التكنولوجي.
يرى جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق، أن ترامب قادر على تصعيد المواجهة مع الصين، لكنه بحاجة إلى إستراتيجية متكاملة. أما هنري كيسنجر، فيحذر من أن أي تصعيد غير محسوب قد يدفع العالم إلى حرب باردة جديدة.
في ظل تعقيدات المشهد الدولي، تبدو عودة ترامب بمثابة نقطة تحول قد تعيد صياغة مستقبل الهيمنة الأمريكية في آسيا، حيث ستظل المنطقة محورًا لصراع طويل الأمد بين الولايات المتحدة والصين.